الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

المفهوم العام لـ"الثورة"، والفرق بينه وبين "الثورة" كمصطلح سياسي


الثورة هي الخروج عن الوضع الراهن إلى وضع آخر سواء كان أفضل أو أسوء من الوضع القائم. وبشكل عام يمكن التفرقة بين نوعين من الثورات؛
النوع الأول: يشير إلى تغيرات جذرية وأساسية في مجال من مجالات العلوم والمعرفة، كالقول بالثورة الاقتصادية أو الثقافية أو الصناعية، أو ثورة في مجال التعليم، أو في عالم الاتصالات. وهذا النوع من الثورات لا تؤدي إلى تغيرات سياسية مباشرة، ولكنها تحقق انتقال المجتمع من حالة إلى أخرى بشكل تراكمي؛ كتحوله مثلاً من مجتمع زراعي إلي مجتمع صناعي، مثل الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر الميلاديين، والتي أدت إلى تغير الطبيعة الأساسية للمجتمع الأوروبي من الحياة الريفية إلى الحياة المدنية. وكذلك الثورة في مجال الاتصالات في نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد العشرين الميلاديين.
أما النوع الثاني (وهو الذي يتعلق بالثورة كمصطلح سياسي): فهو يشير إلى تحولات جذرية في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مجتمع من المجتمعات. وهذه الثورة غالباً ترتبط بالتحرك الشعبي العارم لتغيير نظام الحكم. أي أنه وفقًا لهذا التعريف الثورة هي بمثابة حركة شعبية وتلقائية لتغيير الأوضاع في المجتمعات، وهذا النوع بدوره ينقسم إلى ثلاث فئات؛ الفئة الأولى ثورات أحدثت تغيرات جذرية على صعيد البنية الاجتماعية والإقتصادية والسياسية. فالثورة الفرنسية عام 1789م أنهت حكم الملك "لويس السادس عشر" وقامت بتحويل الحكم إلى نظام جمهوري، ورفعت شعارات الحرية والإخاء والمساواة، وأعلنت قيام دولة المؤسسات ممثلة في الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وعندما قامت الثورة الثورة الروسية في عام 1917م التي لم تكتف بعزل القيصر، بل عملت على إحداث تغييرات جذرية في المجتمع ومثلها الثورة الصينية 1949م. كما يندرج تحت هذا النوع ثورات أوروبا الشرقية عام 1989، وثورة أوكرانيا المعروفة بالثورة البرتقالية في نوفمبر 2004.
أما الفئة الثانية فهي ثورات تحررية ولكنها لا تحدث تغير في بنية المجتمع. ومن هذه الثورات الثورة الأمريكية (1775- 1783م)، فكانت ذات طابع حركة تحرير وطني؛ إذ اكتفت بالمطالبة والنضال في سبيل الاستقلال من الحكم البريطاني دون إحداث تغييرات رئيسية في البنية الاجتماعية. وفي أمريكا اللاتينية نموذجاً آخر من نماذج الثورات التي تمكنت من تغيير بعض الحكام المستبدين، دون أن يصاحب ذلك إحداث تغييرات أساسية في أنظمة الحكومة أو في البنية الاجتماعية للدولة. ويطلق علماء السياسة على هذا النوع من الثورات ثورات ضد السلطة، لكونها ذات هدف محدود هو الإطاحة بالحكومة الفاسدة القائمة.
أما الفئة الثالثة فهي ثورات تحريرية تحدث تغير في بنية المجتمع، مثل الثورات التي كانت موجهة ضد الاستعمار في دول العالم الثالث، وكانت تهدف إلى تحقيق السيادة والاستقلال، ويطلق على هذا النوع من الثورات “الثورات الوطنية". ويحدث هذا النوع من الثورات تغيرات جذرية في بنيان المجتمع؛ ومن أمثلتها ثورة الجزائر 1954 – 1962.[1]
وفي إطار الحديث النظري عن مصطلح الثورات وأنواعها، لعله يكون من المفيد أيضًا الإشارة إلى أحد التقسيمات المهمة التي طرحها بعض المفكرين السياسين لأنواع الثورات، حيث يرون أن هناك نوعين من الثورات، النوع الأول هو "الثورات التأسيسية" Foundational Revolutions   كونها لا تمحى بنية سياسية واجتماعية واقتصادية قديمة فحسب، وإنما تضع الأساس لبنية جديدة لا يمكن محوها إلا بثورة أخرى أكثر قوة وتأثيرًا، أما النوع الثاني، فيطلق عليه "الثورات التحويلية" Transformational Revolutions وهي ثورات مهمة تقوم بتحويل المجتمع ونقله من وضع إلى آخر ولكنها لا تتمتع بالديمومة والاستمرار لأسباب مختلفة بعضها أيديولوجي، والبعض الآخر سياسي واستراتيجي.[2]
وبشكل عام يمكن القول أن الثورة هي عملية تغيير سريع وجذري للنظام السياسي، بما يؤدي للإطاحة بالنظام القديم، والنخبة التابعة له. والثورة مختلفة عن عمليات التغيير الصغيرة أو المتوسطة، والتي تحافظ على النظام القديم؛ فالتغييرات عادة ما تكون تجميلية. ويمكن اختبار الثورة الحقيقية عن طريق رؤية ما إذا كانت قد أطاحت بالنخبة القديمة أم لا، فإذا ظلت في مكانها فما حدث لا يعتبر ثورة. وقد حدد "كران برينتون" في كتابه الذي صدر عام 1938 بعنوان "تشريح الثورة" The Anatomy of Revolution  خمس مراحل تمر بها كل الثورات، واختبر هذه المقولة بدراساته للثورة الإنجليزية في أربعينيات القرن السابع عشر، والثورة الأمريكية عام 1776، والثورة الفرنسية عام 1789، والثورة الروسية عام 1917. وتتمثل هذه المراحل في الآتي:-[3]
مرحلة انهيار النظام القديم، في هذه المرحلة تتطور مجموعة من مشاعر عدم الرضا عن الحكومة، نتيجة تعطل الإدارة وتزايد الضرائب، وتبدأ تدريجيًا ثقة الشعب في الحكومة تتآكل. كما تبدأ الحكومة فى فقدان ثقتها في نفسها، ويحول المفكرون ولاءهم من النظام القائم إلى نظام آخر مقترح يحمل قدرًا من المثالية، ويتزامن هذا مع بدء عملية تحديث اقتصادي، تلعب دوراً كبيرًا في إثارة مشاعر السخط والحقد.
المرحلة الأولى للثورة، وتبدأ ببدء التحرك من أجل تغيير الوضع القائم، فيبدأ التآمر على النظام القائم من خلال تشكيل اللجان والشبكات والخلايا، واتخاذ من الإطاحة بالنظام القديم هدفًا لها، وتبدأ بعض مظاهر التمرد الشعبي على النظام، ويبدأ تطور مأزق سياسي يستعصي حله، وتلجأ الحكومة إلى استدعاء قوات الأمن، الأمر الذي يؤدي إلى عكس النتائج التي يبتغيها النظام، نظرًا لزيادة غضب الشعب، وفي النهاية يصبح النظام القائم خارج نطاق الخدمة.
مرحلة تولي المعتدلين السلطة، خلال هذه المرحلة يتولى القيادة المعتدلون، وهم الذين عارضوا النظام القديم، ولكنهم مازالوا مرتبطين به، ويبدأون إصلاحات معتدلة غير جذرية، وغير كافية أيضًا بالنسبة للمتشددين المتواجدين بين الثوار، ويتهم هؤلاء المعتدلين بالجبن والتوافق مع قوى النظام القديم، وربما يعود ذلك إلى أنهم لا يتمتعون بالصرامة الكافية.
مرحلة تولي المتشددين السلطة، حيث يقوم المتشددون الأكثر صرامة، والأفضل تنظيمًا من المعتدلين، والذين يعرفون ما يريدون تحديدًا بالإطاحة بالمعتدلين، وتولى قيادة الثورة، ويتم التخلص من أي بقايا للنظام القديم، ويفرض المتشددون على الشعب طاعة النظام القديم بقيمه وقوانينه، ويتعرض المخطئون للعقاب.
المرحلة الأخيرة، في النهاية لا يستطيع المجتمع تصعيد الثورة ويصبح الشعب –حتى الثوريون منهم- منهكًا، ويتوق إلى الاستقرار وتسيير عجلة الاقتصاد مرة أخرى والتمتع بالأمن الشخصي. ويصف "برينتون" هذه المرحلة بأنها فترة "نقاهة ما بعد الحمى".
وتختلف الثورة عن الانقلاب العسكري في كون هذا الأخير يتمثل في قيام أحد العسكريين بالوثوب للسلطة من خلال قلب نظام الحكم، بغية الاستئثار بالسلطة والحصول على مكاسب شخصية من كرسي الحكم. [4]   
ولعل السؤال البديهي الذي قد يتبادر للذهن هو أين يتم وضع الثورة المصرية التي قامت في الخامس والعشرين من يناير 2011، ضمن أنواع الثورات سابقة الذكر؟  وما هو الصدى والتأثير التاريخي الذي قد تتركه الثورة المصرية سواء إقليميًا أو دوليًا؟


[1]- ماذا تعرف عن معنى كلمة "ثورة"، مقال منشور على شبكة الإنترنت:
http://forums.2dab.org/archive/index.php/t-47552.html?s=654d63b2c3786d9142c52b4ad9b24b32
[2]- خليل العناني، "الثورة المصرية...التداعيات الإقليمية والدولية"، مجلة شئون عربية، (جامعة الدول العربية: العدد: 145، ربيع 2011)، ص 73.
[3]- إيمان أحمد رجب (محرر)، "المفاهيم الخاصة بتحليل انهيار النظم السياسية"، اتجاهات نظرية في تحليل السياسة الدولية، ملحق مجلة السياسة الدولية، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، العدد: 184، إبريل 2011)، ص ص 10- 12.
[4] - تعريف "الثورة"، موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة على شبكة الإنترنت:

ماذا تعني الأصولية؟؟


الأصولية:
تنسب "الأصولية" في اللغة العربية إلى لفظ "أصول" وهو جمع "أصل"، أي جذور الشئ. وفي اللغة الإنجليزية كلمة Fundamentalism  مشتقة من كلمة Fundamental  أي الأساس والمبدأ. أما إصطلاح "الأصولية" فقد ارتبط منذ نشأته بالدين، و"الأصولية الدينية" يقصد بها الدعوة لدراسة أصول القواعد والمبادئ الدينية بهدف الالتزام بها، وتطبيقها، والرجوع إليها؛ فالتيار الأصولي يهدف في النهاية إلى إصلاح ما أفسدته نظم الحكم السائدة من خلال العودة إلى تطبيق المفاهيم والقيم الدينية. وبناء على ذلك يمكن القول أن الأصولية هي حركة وفعل وليست فقط دعوة أو تطلع، فالفكرة يسعى أتباعها إلى نقلها إلى حيز التطبيق، بحيث ينشأ عمل ما يؤثر على التوازن القائم في الواقع.[1]
وهنا تجدر الإشارة إلى أن كل أصولية هي قانون بحد ذاتها، ولها ديناميتها الخاصة التي تستطيع من خلالها الجمع بين الثابت القديم والمتغير الحديث، وهو ما يعطي انطباعاً بأن الأصوليين هم أناس محافظون ومرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالماضي من ناحية، بينما أفكارهم هي أفكار حديثة وعصرية من ناحية أخرى.[2]
وجدير بالذكر أن النزعة الأصولية ليست حكرًا على الأديان السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام) فحسب؛ بل هناك نزاعات أصولية "بوذية" و"هندوسية" و"كونفوشيوسية". بيد أننا –وفي معرض الحديث عن الثورة المصرية- سوف نركز على مصطلحين أساسيين هما "الأصولية الإسلامية" "والأصولية المسيحية"، وذلك في محاولة لربط هذين المصطلحين بالدور المتنامي للتيارات الدينية داخل المجتمع المصري بعد الثورة.
- الأصولية الإسلامية:
في الثقافة العربية، كلمة أصول يكثر استخدامها في كتابات المفكرين الإسلاميين، فيقال أصول الدين، وأصول الفقه وغيرها. وبشكل عام يمكن القول أن الأصولية الإسلامية تدعو إلى العودة إلى أصول الدين، أى القرآن والسنة، بهدف إعادة الإسلام بأكمله إلى السيطرة على أوجه الحياه.[3]
وللوقوف على أهم عناصر مصطلح "الأصولية الإسلامية" لعله يكون من المفيد الرجوع إلى كتابات مجموعة من أعلام الدعوة الأصولية الإسلامية المعاصرة. فعلى سبيل المثال؛ الأصولية عند "حسن البنا" ترفض تحييد الإسلام عن مناحي الحياه العامة من اجتماع، واقتصاد، وسياسة، وثقافة، وقانون، "فالمسلم مطالب بحكم إسلامه أن يعنى بكل شئون أمته". أما "سيد قطب" فيضع تحديدًا مباشرًا لمفهوم الأصولية؛ فهو يدعو المسلمين للرجوع مباشرة إلى الشريعة الإسلامية، ومبادئها العامة، وتشريعاتها الكلية، واستلهام حلول تطبيقية للمشكلات المعاصرة. وعلى نفس المنوال تأتي كتابات "محمد حسين فضل الله" والتي يدعو من خلالها إلى إبداع منهج لحركة إسلامية جديدة تعمل بكل قوة ووعي وتدقيق من أجل أن يكون الإسلام قاعدة للفكر والعاطفة والحياه بشكل عام.[4]
ومما تقدم يمكن أن نصل إلى تحديد العناصر الرئيسية في مفهوم الأصولية الإسلامية في الآتي:
1- أنها حركة تقوم على الدعوة إلى الإسلام.
2- أن هذه الدعوة تنطلق من ينابيع الإسلام (القرآن والسنة)، ومع ذلك فهي حركة تجديد وليست حركة سلفية.
3- أن الموضوعات التى تتناولها الأصولية الإسلامية هي موضوعات قائمة الآن في الوقت الحاضر.
ومما سبق يمكن أن نخلص إلى أن مفهوم الأصولية الإسلامية مؤداه أن الأصولية حركة تجديد في الفكر الإسلامي، تنظر إلى القضايا الراهنة من منطلق الشريعة الإسلامية، لإضفاء الطابع الشرعي على مقومات حياة الإنسان في الحاضر.[5]
وإذا كنا بصدد الحديث عن مصطلح "الأصولية الإسلامية"، فإنه يتعين التفرقة بين نظرتين لهذا المصطلح؛ الأولى تنظر إلى هذا المصطلح من زاوية مدلوله في العلوم الدينية الإسلامية، والثانية تنظر إليه من وجه نظر المستشرقين والكتاب الغربيين. فبالنسبة لمدلول المصطلح في العلوم الدينية الإسلامية، يوجد التباس في تعريف الأصولية نتيجة الانقطاع بين معنيين للفظ ذاته؛ ففي الأصولية السنية، الأصوليون -بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة- هم علماء الكلام وأئمة الفقة. وفي الأصولية الشيعية، الأصوليون -بعد ثورة الإمام الخميني- هم زعماء الحركات الدينية الإسلامية وأعضاؤها. أما بالنسبة لمدلول الأصولية وفقًا لنظرة المستشرقين، فأولى سماتها هي الانقطاع عن الجذور؛ فالمستشرقون يستخدمون لفظ أصولية استنادًا إلى التسميات التي نشأت في الغرب في بداية القرن العشرين، فهم يرون أن الأصولية الإسلامية تبدو وكأنها غريبة عن تاريخها وولدت بتأثير احتدام الصراع بين الشرق والغرب. إلا أن بعض المستشرقون يميلون إلى إعادة الحركة الأصولية إلى بيئتها، ومنهم على سبيل المثال "مكسيم رودنسون"، الذي يرى أن الأصوليون هم "مجموعات في العالم الإسلامي تقول دائماً إن حل مشكلات العصر يتم عن طريق الإسلام، وهؤلاء يطالبون بالعودة إلى صدر الإسلام، ويؤكدون أن سبب المشاكل يكمن في الابتعاد عن الحلول التى طرحها الرسول صلى الله عليه وسلم. وهناك مستشرقون آخرون يرفضون استخدام مصطلح الأصولية الإسلامية انطلاقًا من أن مصطلح الأصولية هو مصطلح آت من النزاعات داخل الكنيسة الكاثوليكية، ويفضلون استخدام مصطلحات أخرى للدلاله على المفهوم؛ مثل "جاك بيرك" الذي يفضل استخدام مصطلح "الإسلاموية"، و"جون إيسبوسيتو" الذي يستخدم تعبير "صحوة إسلامية".[6]
- الأصولية المسيحية:
        عرفت المسيحية مصطلح الأصولية في القرن السادس عشر تحت مسمى "الحركة البروتستانتية" من "protest" –أي يعترض أو يحتج- فقد ظهرت هذه الحركة على يد "مارتن لوثر" و"جون كالفن" في الفترة ما بين عامي 1516 – 1520. وتؤكد هذه الحركة على أن الكتاب المقدس معصوم من الخطأ ليس فقط في قضايا العقيدة والأخلاق فحسب، بل أيضًا في كل ما يتعلق بالتاريخ وسائر مسائل الغيب كقصة الخلق، وميلاد السيد المسيح عليه السلام، ومجيئة الثاني، ويوم الحشر. هذا وقد أدخلت هذه الحركة على المسيحية الاهتمام الشديد بالعهد القديم أو التوراه.[7]
والواقع أن الأصولية قد ولدت رسميًا في عام 1910 حين عزت جماعة من المؤمنين تآكل أسس العقيدة المسيحية إلى العادات والأفكار الحديثة، ونشرت كتب "الأصوليات"، فأدت المبادرة في 1919 إلى تأسيس الجمعية العالمية للمسيحين الأصوليين التي ضمت حينذاك 6 آلاف عضوًا.[8]
وقد عارض المذهب البروتستانتي أي توافق محتمل بين ما يتوصل له العلم الحديث وبين ما هو مدون في الكتاب المقدس، مثال على ذلك رفضه لنظرية التطور والارتقاء لمخالفتها قصة الخلق التوراتية. وكان هذا من الأسباب التي أعطت هذا المذهب زخماً قويا في فترة العشرينيات. وفي فترة الثلاثينيات والأربعينيات أنشأت العديد من المعاهد والكليات الأصولية المختصة بدراسة الكتاب المقدس، رافق ذلك أيضًا انشقاق بعض الجماعات الأصولية -مثل المعمدانيين- عن كنائسها مشكلة كنائس جديدة. [9]
وعلى الرغم من تعدد الطوائف والفرق والاتجاهات المذهبية المسيحية، فإن التعبير الأوضح والأقوى عن الميول الأصولية في المجتمعات المسيحية يتركز في الطائفة البروتستانتية التي تفرع عنها مذاهب متعددة أيضًا لعل أشدها تطرفًا مذهب "البيوريتانية التطهرية" الذي ساد في إنجلترا في القرن السابع عشر.[10]
ويوجد في الولايات المتحدة أكثر من 200 طائفة داخل المذهب البروتستانتي وهم في حدود 100 مليون أمريكي. وأكثر هذه الطوائف تشددًا في مفهوم "عودة اليهود" (صهيوينة مسيحية) هي الطائفة التدبيرية Indispensationalism)). وأشهر دعاتها "بات روبرتسون" المبشر التليفزيوني المعروف، و"جاري فالويل"، و"جيم بيكر"، وآخرون، وجميعهم يبشرون بعودة المسيح بعد إنهاء بناء هيكل سليمان. [11]
وفي أواخر القرن العشرين بدأت المسيحية الأصولية بتأسيس مؤسسات إعلامية من أجل التبشير ولنشر الأفكار الخاصة بها، كما أنها تمكنت من التتغلغل في الحياة السياسية الأمريكية وأصبحت طرفا نافذا في اليمين المسيحي الأمريكي.[12]


[1]- د.حسين سعد، "الأصولية الإسلامية العربية المعاصرة؛ بين النص الثابت والواقع المتغير"، سلسلة أطروحات الدكتوراه، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد: 52، الطبعة الأولى، مارس 2005)، ص 38.
[2]- مجموعة من الباحثين، "الأصولية الإسلامية وآثارها على العلاقات الدولية"، عروض مقدمة في مادة نظرية العلاقات الدولية، برنامج الدكتوراه، (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009).
[3]- د.حسين سعد، مرجع سابق، ص 37 .
[4]- المرجع السابق، ص ص 38- 40.
[5]- المرجع السابق، ص ص 40-41.
[6]- المرجع السابق، ص ص 42- 43.
[7]- مجموعة باحثين، "الأصولية المسيحية .. النشأة والتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية"، عروض مقدمة في مادة نظرية العلاقات الدولية، برنامج الدكتوراه، (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009).
[8]- المرجع السابق.
[9]- تعريف الأصولية المسيحية، موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة على الإنترنت:
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D8%A9_%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9
[10]- مجموعة باحثين، "الأصولية المسيحية .."، مرجع سابق.
[11]- المرجع السابق.
[12]- تعريف الأصولية المسيحية، مرجع سابق.

الخميس، 1 سبتمبر 2011

الناس اللى بين بين

من المضحك أن رافضي الثورة في بداياتها، والمنساقين للفتنة التي بدأ مبارك في زرعها منذ خطاب 1 فبراير ويستمر مجلسه على نفس خطاه لا يشغلهم الآن سوى انتقاد أو تشويه رموز الثورة، والسخرية والتشفي بدون وجه حق أو بدون علم، بل وانتقاد ما يقوله البعض من أن الثورة لم تكتمل وتحتاج إلى إجبار المجلس على الانصياع لما يجب أن يتم، ونسوا أو تناسوا أنهم إذا استطاعوا النيل من بعض الرموز فلن يستطيعون النيل من الملايين التي خرجت إلى الشوارع غير مدفوعة بشئ غير الشعور بالظلم والرغبة الحقيقية في التغيير والجرأة في طلب الحق

الملايين عاشوا يحلمون بهذا اليوم وعندما جاء لم يعطيهم أحد أموالا أو يدربهم على كيف تغضب أو كيف تقول كلمة حق

هؤلاء المنافقين أحسدهم بالفعل على الرفاهية والعدالة التي كانوا يعيشون فيها في أيام المخلوع والتي جعلتهم على هذا القدر من الاستغناء عن قول الحق

لقد وصل بهم الأمر إلى التخلي عن مبادئ سيادة القانون والمحاكمات الطبيعية للمدنيين، هل يستطيع هؤلاء أن يطالبوا بمحاكمة مروج الإشاعات المعترف بخطيئته "الرويني" عسكريا؟؟

بالطبع لا لأنهم لا يستطيعون سوى تعظيم الإله الجديد الذى خلقوه في خيالهم، ولكنهم لا يرون غضاضة في محاكمة من ينتقد هذا الإله عسكريا ويتمنون إعدامه

لو أنهم يمتلكون الشجاعة الكافية ليقولوا أنهم ليسوا مع مبادئ الثورة لكان أشرف لهم
ولو أنهم أكثر شجاعة ليعترفوا بأنهم أخطئوا في حساباتهم ولكنهم الآن يؤيدونها بكل ما يملكون من قوة لكان أشرف لهم

ولكن للآسف لا يستطيعون سوى اتخاذ مواقف هزيلة ضعيفة تثير الإشمئزاز

وأستعين هنابمقوله الشيخ الشعرواى
لا توجد معركه بين حق وحق لان الحق واحد ولا تطول معركه بين حق وباطل لان الباطل دائما زهوق

اتمنى أن يعترف هؤلاء أن نظام مبارك ذهق لأنه كان باطلاً، وأن الثورة نجحت جزءيًا لانها كانت حقاً
وألا يغشي الغرور والتكبر أعينهم عن الرجوع إلى الحق، وتنقية قلوبهم من كل غل وحقد على الثوار بكل طوائفهم، ونزع أيه رغبة في التشفي فيهم من صدورهم

عزائي الوحيد هو أن استمرار القرارات السيئة والمسيئة للثورة من قبل من بيدهم الأمر الآن لن تزيد شرفاء الثورة والمؤمنين بمبادئها حقًا وصدقًا سوى تماسكًا وصلابة في مواجهة من يريد لنا الفشل